الأربعاء 28 ديسمبر-كانون الأول 2011م
متابعة
أخيرا بانت الرؤية وظهرت أسباب المحاولات التي أريد لها جر مسيرة الحياة السلمية لأهداف لم تكن ضمن خطة المسيرة حيث كشفت وسائل الإعلام عن أن عناصر مشبوهة مكونة من مئات المسلحين المدعومين من طهران والذين أندسوا في صفوف شباب المسيرة حاولوا التوجه نحو الرئاسة ومحاولة اقتحام قصر دار الرئاسة وإفتعال مواجهات تنتج عنها مجزرة تفضي لإفشال حكومة باسندوة .
ولا خلاف على أن مثل هذه المسيرات هي حق مكفول قانونيا ودستوريا لكل مواطن طالما وهي سلمية ولأهداف مشروعة .
ولن يختلف معي أحد حول أن قافلة "مسيرة الحياة " الشبابية والتي وصلت يوم السبت الماضي إلى صنعاء بعد إعتراضها من قبل بلاطجة عائلة صالح وإستشهاد 13 وجرح عشرات الشباب المشاركين فيها هذه القافلة والمسيرة التي أذهلت العالم تعد إحدى تجليات تعز الثورة وإشراقات أبنائها الرائعون هي تجسيد حي لإرادة وعزيمة شباب الثورة وإبتكار جديد يضفي على الثورة زخما جديدا وحيوية ..ورسالة لكل الأطراف بأن شباب الثورة يقهر الصعاب ويتحدى العوائق ...
ولا شك أن هذه المسيرة الرائعة كرنفال شبابي أعاد الروح للثورة وجددها وبث فيها الحياة من جديد ...
ولا خلاف أيضا على أن هذه المسيرة التحدي أظهرت صلابة إرادة شباب الثورة وقوة عزيمتهم الفولاذية كل هذا لا خلاف عليه عند المنصفين ...
هناك طابور خامس يرى الوفاق السياسي المتمثل بحكومة باسندوة التي تجاهد على أكثر من جبهة لإعادة الحياة الطبيعية والطمأنينة للناس وإنقاذ البلد خطرا عليه لأنه هذا الوفاق سينقل البلد لبر الأمان وسيقطع عيش هؤلاء وستتضرر مصالح الفاسدين ويا ليت أننا نفوت الفرصة على هؤلاء البلاطجة وتجار الحروب ونعي خطر توقيت مثل هذه التحركات والتي ينتظرها صقور المؤتمر وأقارب صالح الذين يكادوا أن يغادروا مواقعهم بفارغ الصبر لكي يسوقونها كتصعيد من جانب المشترك وكمحاولة لضرب الوفاق الوطني وعرقلة المبادرة الخليجية المخرج السلمي الوحيد لليمن ..
لقد كان البلاطجة في الرمق الأخير فجاءت "مسيرة الحياة" لتعيد إليهم اعتبارهم ومصاريفهم وتموضعهم في مواقعهم ...هل يدرك شباب الثورة هذا ؟!!
المبادرة الخليجية التي أثمرت حكومة باسندوة تخدم ثورتكم لأنها تحقق رحيل عائلة صالح عن السلطة سلميا وتحقن الدماء وتحقق إقالة الفاسدين من كل مواقعهم بالتدريج كما هو حاصل اليوم في ثورات التصحيح داخل المؤسسات الرسمية ويخطئ من يظن أن أهداف الثورة ستتحقق في ظل غياب الدولة وغياب الأمن والنظام وهيبة القانون وسيادة الفوضى العارمة والإضطرابات وفشل الدولة ..
إن انتقال البلد لبر الأمان وتحقق الأمن والاستقرار سيحقق كل أهداف الثورة وطموحات شبابها على المدى البعيد فلا يأتي شيء بين يوم وليلة دعونا من بعض الشباب المتحمسين المثاليين الذين يريدون تغييرا جذريا بين يوم وليلة بعد أكثر من ثلاثة عقود من الفساد وغياب الدولة وترسخ الفوضى وتعايش الناس معها ...
بدأ النائب الفريق عبد ربه منصور هادي يقيل الفاسدين الواحد تلو الآخر مضحيا بعلاقته التاريخية مع صالح وعائلته وبدأت حكومة باسندوة تعيد شيء من الطمأنينة للناس فلا نعرقل هذه الجهود ولنفوت الفرصة على المتربصين وتجار الحروب والبلاطجة وأعداء الوطن ...
هناك محاولات تخريب وإفشال تتعرض لها المبادرة الخليجية في اليمن، في أعقاب ما جرى خلال الأيام الماضية، وخاصة الأحداث التي رافقت "مسيرة الحياة" التي انطلقت من تعز إلى صنعاء وما جرى في ساحة التغيير من قبل العناصر الحوثية التي حاولت نصب خيمة في المنصة لمعارضة المبادرة الخليجية هذه التحركات تاتي بتوجيهات من طهران ضمن مشروعها المناهض للجهود الخليجية والرامي لتقسيم اليمن وإيجاد دولة حوثية قوية في جنوب المملكة تمثل شوكة لإيران ويد تستطيع بها بث التخريب والفوضى في المملكة العربية السعودية ولو على حساب حياة اليمنيين وأمنهم ووحدتهم وإستقرارهم .
وهناك تحركات إيرانية مشبوهة وتخطيط ماكر لافتعال أزمات بهدف إفشال المبادرة الخليجية فالأموال الإيرانية تتدفق على الحوثيين وبعض المرتزقة للعمل على تخريب التسوية السياسية ونشر الفوضى كهدف إيراني يلتقي مع أهداف لقوى داخلية تعارض المبادرة وتريد إدخال البلاد في أتون فوضى عارمة.
إن عرقلة المبادرة الخليجية وإعادة الأمور إلى مربع الصفر لا يخدم سوى البلاطجة وتجار الحروب وأصحاب المشاريع الصغيرة الذين يريدون التوسع في ظل غياب الدولة وهيبتها وسيادة الفوضى والاضطرابات كمشروع الحوثي التوسعي التصفوي ألإقصائي ولعل هذا ما يفسر التحركات الحوثية في هذا الصدد وبيان الحوثي الذي يستنكر فيه للاعتداء على مسيرة الحياة في محاولة فاشلة لكسب تأييد شعبي وكأن هؤلاء الحوثيين ملائكة ورسل سلام ؟!!
أما حصار دماج وقصفه بالأسلحة الثقيلة وتدنيس المساجد وتمزيق القرآن كما حدث في عاهم بحجة ونهب القواطر الغذائية المرسلة لأهالي دماج والتوسع بالجوف وحجة وقتل المخالفين أمر مباح ...
دعونا من أولئك المتباكون زورا على جماجم الشهداء يتناسون أن دم الشهداء لن يذهب هدرا ولن يأتي القصاص بانزلاق البلد في دوامة العنف وتعطل الحياة في كل مجالاتها فلنتأمل ثم إن لكل ثورة تضحيات ولكل تغيير ثمن ..
وحتى وإن أعطى البرلمان ضمانة لصالح وعائلته وكبار المسئولين فأسر الشهداء تستطيع عبر محامين وعبر مؤسسات حقوقية ملاحقة القتلة في اليمن وفي كل العالم ولو كانوا في أدغال أفريقيا أو أحراش سيبيريا ...
يا هؤلاء لو تفكرنا في الأمر لوجدنا أن إنجاح حكومة باسندوة ودعم الوفاق السياسي في هذه المرحلة الحرجة والحساسة واجب وطني على الجميع الاشتراك فيه كل من موقعه.. فهل يدرك شباب الثورة تلك التحركات الإيرانية المشبوهة ويعملون على ترجمة هذا الإدراك في أرض الواقع ؟!!